الأستاذ الدكتور محمود علي عبد المعطي عبد الناصر، رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة أسيوط، هو أحد أبرز العلماء في مجال الأدب العربي واللغة العربية في مصر والعالم العربي. حيث تتميز مسيرته الأكاديمية والعلمية بالإبداع والتفاني في خدمة اللغة العربية وآدابها.
وُلِد في 13 مارس 1967 بجمهورية مصر العربية، ونشأ في بيئة تُقدّر المعرفة والتعليم، مما ساهم في تشكيل شخصيته الأكاديمية والبحثية المتميزة. حيث أصبح واحداً من الأسماء المرموقة في مجاله.
بدأ الدكتور محمود مسيرته العلمية بالحصول على ليسانس في الآداب والتربية من كلية التربية، جامعة أسيوط، في مايو 1990، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، ثم حصل على ليسانس آخر في الآداب، شعبة اللغة العربية وآدابها، من كلية الآداب بسوهاج، جامعة جنوب الوادي، في مايو 1993، بتقدير عام جيد جداً.
كان تفوقه العلمي والدراسي محفزاً له لاستكمال دراساته العليا، وكذلك شغفه بالأدب العربي؛ فحصل على درجة الماجستير في الأدب العربي من كلية الآداب بسوهاج عام 1996، بتقدير ممتاز. وفي عام 1999، نال درجة الدكتوراه في الأدب العربي من نفس الكلية، بتقدير عام جيد جداً. تخصصه الدقيق في الأدب العباسي يُظهر اهتمامه بفترة تاريخية غنية بالإبداع الأدبي والشعري، وهو ما انعكس في أبحاثه ودراساته اللاحقة.
منذ بداياته الأكاديمية، عمل الدكتور محمود على تطوير مهاراته وخبراته. عُيّن معيداً بقسم اللغة العربية بكلية التربية، جامعة أسيوط، عام 1991، ثم انتقل إلى كلية الآداب بنفس الجامعة عام 1996، حيث أصبح مدرساً مساعداً ثم مدرساً متخصصاً في الأدب العباسي في 1999. بفضل أبحاثه وإسهاماته الأكاديمية، حصل على ترقية أستاذ مساعد في الأدب العربي عام 2005، ليصل في 2010 إلى درجة أستاذ، وهو أعلى رتبة أكاديمية. خلال هذه الفترة، شغل عدة مناصب إدارية، أبرزها وكيل كلية الآداب لشؤون التعليم والطلاب، وأمين مجلس الكلية، كما تولى منصب رئيس قسم اللغة العربية بالكلية.
تُظهر مسيرة الدكتور محمود المهنية اتساع نطاق خبراته الأكاديمية والإدارية، حيث شغل مناصب أكاديمية في جامعات مصرية وسعودية، منها كلية المعلمين بأبها وجامعة أم القرى. هذه التجربة المتنوعة أضافت إلى رؤيته الأكاديمية وقدرته على المزج بين الأصالة والمعاصرة في تعليم اللغة العربية وآدابها.
تركزت اهتمامات الدكتور محمود العلمية حول الأدب العباسي، وقد انعكس هذا الاهتمام في أبحاثه وكتبه التي تُعد مرجعاً مهماً للباحثين والمهتمين بالأدب العربي. نشر العديد من الدراسات المحكمة في مجلات علمية مرموقة، مثل دراسته عن “همزية بشار” التي تناول فيها الإبداع الفني والنفسي للشاعر، وبحثه حول “نونية ابن زيدون” الذي قدّم فيه تحليلاً أسلوبياً دقيقاً. كما تناول في دراسات أخرى موضوعات مثل تأثير السيوطي في الرؤية الشعرية في كتاب “حسن المحاضرة”، والموضوعات الفنية في ديوان أبي بكر الصديق.
هذه الأبحاث لا تعكس فقط عمق معرفته بالأدب العربي، بل أيضاً رؤيته النقدية التي تمزج بين التحليل الفني والدراسة الموضوعية.
لم تقتصر إسهاماته على البحوث، بل امتدت إلى تأليف الكتب التي أصبحت مرجعاً مهماً للباحثين وطلاب العلم. إذ ساهم الدكتور محمود عبد المعطي في تأليف عدد من الكتب التي عكست عمق معرفته بالأدب العربي واهتمامه بتطوير البحث العلمي في هذا المجال. من أبرز كتبه “ديوان أبي بكر الصديق: دراسة موضوعية فنية”، و”تجليات الإبداع الأدبي: دراسات في العصر العباسي الأول والثاني”، الذي يعكس اهتمامه بالتعمق في الجوانب الفنية والجمالية للأدب العباسي. وكتاب “موسيقا الشعر: النظرية وآفاق التطبيق”، و”بنية القصيدة في الشعر العربي القديم”، و”النص الشعري القديم وجماليات القراءة”. تُظهر هذه الأعمال مدى اهتمامه بتحليل الشعر العربي في سياقاته الفنية والجمالية.
على صعيد التدريس، أثرى الدكتور محمود العملية التعليمية من خلال تدريسه لمجموعة واسعة من المقررات، منها الأدب العباسي، أدب الأطفال، العروض والقافية، وموضوعات في الأدب العربي القديم والحديث. كما درّس اللغة العربية لغير الناطقين بها، مما يُبرز حرصه على نشر اللغة العربية في مختلف الثقافات.
لم تقتصر إسهاماته على التدريس والبحث، بل امتدت إلى الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه. أشرف على العديد من الدراسات التي تناولت موضوعات أدبية متنوعة، وساهمت في تخريج أجيال من الباحثين الذين يحملون شغفه باللغة العربية وآدابها. كما شارك في تحكيم أبحاث علمية وترقيات أكاديمية، مما يعكس مكانته العلمية الرفيعة.
إضافة إلى ذلك، أولى الدكتور محمود اهتماماً خاصاً بالمؤتمرات العلمية، حيث شارك في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية. فقدم أوراقاً بحثية تناولت موضوعات أدبية ولغوية متنوعة، و كان له دور فاعل في المؤتمرات الأكاديمية المحلية والدولية. شارك في مؤتمرات متنوعة تناولت موضوعات الأدب والتراث واللغة، مثل “التبادل الثقافي بين اليمن والهند”، و”الاتجاهات التراثية والمعاصرة في العلوم الإنسانية”، و”ثقافة الطفل: الهوية ومتغيرات العصر”.
بجانب نشاطه الأكاديمي، يُعرف الدكتور محمود بنشاطه الثقافي الواسع. شارك في ندوات ومحاضرات تناولت قضايا الأدب والثقافة، سواء في مصر أو خارجها. وساهم في تعزيز التعاون الأكاديمي بين مصر ودول عربية أخرى مثل السعودية، إذ شارك في ملتقيات أدبية ونقدية في المملكة العربية السعودية، وأسهمت مداخلاته في إثراء النقاشات الثقافية والنقدية، حيث ألقى محاضرات وشارك في ندوات تناولت قضايا الأدب والثقافة، مثل ندوة “النشر الإلكتروني في التعليم”، وندوة “الحرية والإبداع”، وفعاليات ثقافية أخرى في المملكة العربية السعودية. كما كان مستشاراً لتحرير المجلات العلمية في كلية الآداب بجامعة أسيوط، وعضواً في لجان علمية تهدف إلى تعزيز البحث العلمي.
وما يميز الدكتور محمود أيضا هو اهتمامه بتطوير العملية التعليمية. فقد شارك في تصميم وتوصيف مقررات اللغة العربية وآدابها في عدة جامعات. كما كان عضواً في لجان علمية وفنية تهدف إلى تقييم جودة التعليم وضمان تحقيق معايير الاعتماد الأكاديمي. هذا الاهتمام بالجوانب الإدارية والتعليمية يعكس رؤيته الشاملة لدور الأكاديمي كمعلم وباحث وقائد إداري.
إضافة إلى ذلك، لعب الدكتور محمود دوراً هاماً في تطوير جودة التعليم، حيث شغل مناصب مثل مقرر لجنة “التقييم المستمر للفاعلية التعليمية” في كلية الآداب بجامعة أسيوط، وكان عضواً في مشروع التطوير المستمر والتأهيل للاعتماد (CIQAP). كما ساهم في توصيف مقررات اللغة العربية وآدابها في جامعتي أسيوط وأم القرى، وشارك في ورش عمل ودورات تدريبية تهدف إلى تحسين الأداء الأكاديمي والبحثي.
من خلال مسيرته الحافلة بالإنجازات، يُعتبر الأستاذ الدكتور محمود علي عبد المعطي عبد الناصر نموذجاً للأكاديمي المتكامل الذي يجمع بين التعليم، والبحث العلمي، والعمل الثقافي. إسهاماته المستمرة في خدمة اللغة العربية وآدابها تُظهر شغفه العميق بهذا المجال وحرصه على الارتقاء به، سواء في مصر أو على مستوى العالم العربي.